2020-03-25

غربه .. وبحث عن الإنسان المفقود


الغربه الحقيقيه هي (بالإضافه للبعد الجغرافي) أنك تحس انو أي شي حولك خارج سور بيتك بلا لون ولا طعم ولا رائحه . .
برغم أنك عايش في ما يسمى بالعالم الأول .. لا تحمل هم كهرباء ولا مويه تقطع ، لا تحمل هم علاج أو مواصلات أو رسوم مدرسيه ، لا تخشى أن يعتقلك رجل أمن للونك السياسي ، ولا أن يبتزك عسكري مرور ، لا توجد صفوف بنزين او رغيف ، برغم كل ذاك وأكثر إلا أن ذلك الفراغ في داخلك يزداد اتساعاً ..
نعم .. نحمد الله ونشكر فضله على ماسبق ذكره وعلى غيره من النعم .. ولكن يزداد يقيني أن الإنسان هو ما افتقده في خضم هذا الزحام ..
الفردانيه تحكم هذا الجزء من العالم .. من الممكن وببساطة أن تعيش وحدك .. وتمشي وحدك. . وتموت وحدك ولا يشعر بك احد .. ولا تدري إن كنت ستبعث وحدك ..
فرغم كل من يحيط بك من بشر .. تظل وحيدا .. قد تتبادل الأحاديث مع البعض .. تضحكون .. تعلقون على أمر ما .. بل وحتى من حين لآخر تتشاركون وجبة أو تفاصيل أين سيقضي كل منكم إجازته ، أو ماذا فعل ابناؤكم وغيرها من الحوارات التي تجعل العلاقه تبدو في ظاهرها حميمية ، لكن بالسوداني كده (حدّكم الباب) ، أو نهاية اليوم .. لتعود وحدك. . أعني ليس هناك تطور في شكل العلاقه. . وممكن تستمر كده بالسنين ..
تتلاقوا الصباح في الشغل بدون سلام كأنك كنت بايت معاهم . .مجرد نظرات خاوية لا معنى لها .. وجوه جامده 
😑 .. حليل السلام بالأحضان مع ناس خالد ووليد وإبراهيم .. والابتسامات والضحكات المليانه كلام . . تلك الأوجه المطمئنه .. بمجرد مروري على هذه الذكريات في هذه اللحظه غمرني دفء وشملتني سكينه وشحنت بطاريتي ليومين تاني ..
الموجع في الأمر انو عدوى هذا الأمر انتقلت للسودانيين (إلا من رحم ربي ).. فأصبحوا (خواجات) .. نعم المسألة مثل الداء الخبيث ممكن تتسرب إلى خلاياك دون أن تشعر حتى تجد نفسك يوما قد تقوقعت في حلقة ضيقه ، وتعود اللفتات البسيطه بالنسبه لك مرهقه. . نعم تمت خوجنتك بنجاح. .
الأكثر إيلاما هو انو اختلاف الثقافة واللغه والبيئه بينقص درجة الاستمتاع بالحاجه. . يعني حتى النكته البحكوها ممكن تفهمها كلغه لكن كمضمون ممكن تجلي منك لأنو المضمون بعتمد على أبعاد تانيه ..
ياخ مرات يجيك موقف ولا مشهد ولا أي حاجه ، يجي قصاده في رأسك مقطع من أغنيه لوردي ولا إبراهيم عوض ولا حتى بيت شعر للفيتوري أو أحمد شوقي ، لكن تقوله لي منو ! من يشاركك هذا الشعور ! لا أحد . .
باختصار .. الإنسان مفقود في هذه المنظومه (ما قصدي طبعا الإنسان كحقوق وواجبات .. دي مقطعنها ) .. الإنسان الصديق القريب منك بكل المعاني السمحه البتجي في بالك ..
سيدنا الطيب صالح لخص الكلام ده على لسان (الطاهر ود الرواس) في مقولته الشهيره : (الإنسان يا محيميد .. الحياه يا محيميد مافيها غير حاجتين اتنين. . الصداقه والمحبه .. ماتقول لي لا حسب ولا نسب ولا جاه ولا مال .. إبن آدم إذا كان ترك الدنيا وعنده ثقة إنسان واحد يكون كسبان ...الخ) .
وبما انو ماقدرنا نحقق كلام محجوب شريف القائل :
معاك انتظاري ولو بالكفاف ..
وعنك بعيدا أبيت الرحيل ..
وبيك اعتزاز الصباح الجميل ..
فرحلنا وابتعدنا جغرافياً ، وها نحن نعاني آلام الرحيل ..
عشان كده ..
ليت لي إزميل فدياس وروحاً عبقريه
وأمامي تل من تراب وبعض ماء ..
لنحتُّ وطني كيف أريد . .
وعندها أقول ..
عندي وطني بقضيلي حاجه
كيف اسيبه واروح لي خواجه
يغنى وطني ويحيجني حاجه
لي عدوك يا وطني العزيز ..
#هاني
#فضفضه_رمضانيه
مايو 2018

مزاج التكييف

 
الأثر السلبي لارتفاع درجات حرارة الطقس على سلوك الإنسان مثبت في علم النفس ..
- مشهد أول : المجمع الجديد للسجل المدني في الخرطوم ..
مشينا نجدد جواز الآنسة مريم .. وكالعادة قلبت مناحه 
😭 لأنها ماعايزه تتصور 📷 .. بس كده 😑.
كل العساكر الشافوها بتبكي (رجال ونساء) أبدوا تعاطفهم وهاك يا الابتسامات والتحانيس. . والزوله الماسكه التصوير في الكاونتر تديها في البسكويت 
🍪 والمناديل والتحانيس مستمره ، وفي الآخر دخلتها معاها ورا الكاونتر وفتحت ليها الموبايل وورتها صور أولادها وبناتها 👫 وبالاسماء كمان. . المهم في النهايه تمكنا من الحصول على صورة كويسه. . طول المده دي مافي زول جاط أو اتنرفز أو حتى كشّر لينا ..
كلمة السر : التكييييف 
❄❄ ..
- مشهد تاني : مجمع سجلات المواليد والوفيات (شارع المك نمر).. 
يعني شنو: تبع الشرطه برضو.
مشيت اغير شهادة ميلاد عزه ..
المنظر من الباب غير مبشر 
😣 ..
زحمه .. خلق كتار .. صفوف تمتد من داخل المكاتب الضيقه الباليه إلى فناء المركز ولطول تلك الصفوف اتخذت أشكالا ومنحنيات في محاولات للاحتماء من حر الهجير
🌡والاتقاء بذلك الظل المتقاصر. .
جوطه. . عساكر زهجانين وعرقانين
😓 .. يطردوا المواطنين من الصالات والمكاتب(انت يا سيد 👈 اطلع لينا بره) .. وجوه مكفهره. . أخلاق ضيقه. . وقبل نهاية الدوام بحوالي ساعتين وقفوا الإجراءات في المكتب (الانا قاعد منتظرو) وقالوا : تعالوا الاحد😨😰😱 ..
الوحيد الكان مبتسم وهاديء برغم الزحمه الفي مكتبه هو سيادة العقيد 
👮.. السبب شنووو. .. اكيييد التكييييف ❄❄ الضارب فوق رأسه من دون باقي المكاتب ..
- خروج: برغم اليوم الضائع من غير إنجاز يذكر لكن الممتع كان هو الحوارات والتعليقات والقفشات التي تدور عادة بين الواقفين في الصفوف بمختلف خلفياتهم ومشاربهم. . ممكن يتكتب فيها كتاب .. دايره ليها بوست منفصل. ..

وصل

وحكى أحمد بن الفضل : أن غلاماً وجارية كانا في كُتّاب فعشق الغلام الجارية 💘، ولم يزل يتلطف بمعلمه حتى قربه إليها ، فكتب الغلام في لوح الجارية هذا البيت :
ماذا تقولينَ فيمنْ شـفّـه سـقـم ... منْ طولِ حبّك حتّى صارَ حيرانا
فقرأته الجارية وذرّفت عيناها بالدموع 😭 رحمة له ، وكتبت تحته :
إذا رأينا محبّاً قدْ أضـرَّ بـه ... طولُ الصبابةِ أوليناهُ إحسانا
فقدم المعلّم ، وسمع ذلك ، فأخذ اللوح وكتب فيه هذين البيتين :
صِلي العريفَ ولا تخشينَ منْ أحدٍ ... إن العريفَ صغيرُ السنِ ولهانا
أمّا الفقيهُ فما يسـطـوا إذاً أبـداً ... لأنّه قدْ بُلي بالعشـقِ ألـوانـا

2014-10-10

البعد الثالث

حينما التقيت بشفق لم يدر بخلدي قط أن قاسماً مشتركاَ قد يجمعنا يوماً ما .. ولو أخبرني أحدهم أننا سنرتمي قريباً في حضن بعضنا كحبيبين لظننته يهذي أو به مس من الجنون ..
كان لقاؤنا كأيّ غريبين يلتقيان لأول مره .. بلا اكتراث ولا مبالاةٍ ..
ابتدأ تعارفنا بحوار قصير بلهجة حادة وغير مبررة منها .. أصابتني الدهشه .. أيّ أنثى هذه التي تبتدر غريباً تراه للمرة الأولى بهذه النبرة العدائيه .. قررت في سري أنها مخلوقة غريبة الأطوار ، ولعنت اليوم الذي أتى بي إلى ذلك المكان . 
تكررت اللقاءات عدة مرات بعد ذلك ولكنها كانت عابره ودون إطاله، ولكن دون عداء .. شكراً للرب.
حكى لي عنها بعض الأصدقاء ممن عرفوها قبلاً .. شدّتني تلك الحكايات برغم أنها كانت عاديه .. لكن شيئاً ما جعلني أتمنى أن اقترب منها أكثر ، فبرغم ما تبديه من صلابةٍ وقوة شخصيه إلا أنها كانت - بالنسبة لي على الأقل - ذات أنوثة طاغيه .. 
بدأتُ أنتبه لبعض تفاصيلها .. شدّني ذلك السوار الرقيق حول معصمها .. وساعة اليد .. بل وتلكم الكف والأنامل .. نعم .. أعلم مايدور في رؤوسكم الآن .. تفكرون يا له من بائس .. سوار و كف و .. و ..! أيّ رجل هذا الذي يترك أنثى كاملة الأنوثه ليتأمل في معصمها و.. فليكن .. فكروا كما تريدون.
بمضي الأيام انزاح ذلك التوتر بيننا .. ثم فجأة وذات يوم طلبت رقم هاتفي المحمول أثناء حوارنا عن أمر ما .. لا أذكر الآن على وجه الدقه لماذا أرادت ذلك .. المهم أنني كنت انتظر ذلك اليوم ، كنت أريد ذلك أيضاً وبشده .. ولكن كلما تذكرت لقاءنا الأول ترددت ونكصت عن ذلك .. 
وابتدأ الحوار الأثيري بيننا تدريجياً .. 
راسلتها بتحفّظ باديء ذي بدء .. ثم أصبح الحوار تلقائياً شيئاً فشيئا .. شجعتني هي بتجاوبها معي .. تناقشنا في كل شيء .. السياسه .. الناس .. العمل .. الحب .. الأدب .. الدين .. أدهشتني بعقل متفتح .. وآراء جريئه .. كانت لاتُمَل .. كنا نقضي الساعات الطوال نتحاور ونتبادل الأفكار أثيرياً .. قبل النوم .. بعد الاستيقاظ .. أثناء تناول الوجبات .. على متن البص .. أثناء العمل .. أمام التلفاز .. أثناء تناول الشاي والقهوه .. باختصار .. عند كل شهيق وزفير .. كنا في حالة إدمان .
ذات مساءٍ جميل سألتها عن سرّ تصرفها العدواني يوم التقينا لأول مره .. ضحكَتْ .. لم تحر جواباً .. قالت أنها لاتملك تفسيراً مقنعاً .. واعتذرَتْ .. قالت أنها تريد أن تكفِّر عن ذلك وتركت لي الخيار .. مازحتها مبتسما أنني لن أرضى بأقل من عشرة أشياء اختارها أنا للتعويض عن الضرر النفسي الذي أصابني حينها .. 
ضحكنا كثيراً .. كنا نشعر بسعادة لا توصف .. وارتياح يصيبك بالتخمة الروحيه .. 
ودون أن ندري كنا قد انتقلنا إلى بعد آخر .. نعم سادتي .. البعد الثالث ..
داهمنا الحب بغتةً وبعنف .. وكما قرأت في قصة أخرى أقول أنه كما لو أن حجر العشق ألقي في بركتنا الساكنه .. فنشأت تلك الدوائر وصارت تكبر وتتسع بسرعة مذهله .. كان الأمر محتوماً .. ورغم ذلك لم يقل أحدنا للآخر شيئاً عن ذلك .. احتفظ كل منا بتلك العواصف في داخله ، بينما كانت أعيننا وإيماءاتنا تشي بنا وتفضح مكنونات القلوب المضطربه .. 
ذاك المساء حدثتني عن ذلك الإحساس بالبرد الذي لم يفارقها منذ أن قبّلت يدها .. قلت لها ما قاله ابن زيدون لولّاده بنت المستكفي  حين طلبته لأمر .. أنّ هذا الأمر ، أي البرد ، علاجه بالضمّ .. 
لم ننم تلك الليلة إلا بعد أن نال كل منا حظه من الاستشفاء بين ذراعي الآخر .. ويا له من ترياق . 
لا أدري سادتي ماهو مقياس الحب لدى العشاق .. ما أنا موقن به أننا كنا نحتاج لمقياس خاص بنا نحن فقط .. فقد كنا نعيش في كوكبنا الخاص .. لا نتنفس الأوكسجين .. لا تحكمنا قوانين الجاذبيه .. نمشي على الماء .. نكتب الحب كما شئنا .. نحدّث العصافير بلغتها .. اعتنقنا مذهباً كنّا نصلّيه عند كل همس وعناق .. كان انتظار اللقاء إلى اللقاء هو ما يبقينا على قيد الأشواق .
كنا نفهم ما يدور بخلد كل منا بمجرد التقاء الأعين .. وعند التقاء أيدينا كنا نستشعر غليان أجسادنا وحوجتها أيضاً للّقاء .. 
صدقَتْ (أحلام) حين كتبت : (أجمل حب ذاك الذي نعثر عليه أثناء بحثنا عن شيء آخر). نعم .. لقد تعثّرنا سويّا في الحب أثناء شجارنا الأول .. أثناء انشغالنا بإظهار جانبٍ غير مضيء فينا .. 
المهم .. استمر الحال بيننا على ذلك النحو مدة ليست بالقصيره .. ثم .. 
لعلّكم تتساءلون سادتي .. حتى متى ؟! 
حسناً .. هل من الضروري أن يكون ختام القصة بزواج الأبطال كأي رواية شرقية كما قال (نزار) ؟ 
أم أنها تراجيديه مأساويه بموت أحدهم أو خيانة الآخر ..؟ 
أم أن للأقدار طريقاً اختطته لنا بليلٍ ونحن في غمرة الحب ساهون .. ؟
وبينما أنا ابحث عن مخرج لهذه المعضله أيقظني رنين المنبه على الطاولة الصغيرة بجانب السرير .. لعنت في سري ذلك التوقيت غير المناسب الذي حرمني من قدر لا أعلمه ولكني رغم ذلك أرتجيه .. 
وداعاً حلمي الجميل ..